الأربعاء، 13 يوليو 2011

مشكور يا ولدي

تعبت أصبر: ما خطة قلمي الإلكتروني: "سأعرض خلال هذه الصفحة كل ما خطه قلمي الإلكتروني إما قصص قصيرة أو مواقف عابرة وغيره"
مشكور يا ولدي
.
.
أطلقت آهة بصوت هادئ مبحوح وبنبرة حزينة...متألمة من صداع اعتادت عليه غزا رأسها...امتلأت عيونها العسلية المصوبة نحو الباب بالدموع...ثم نزلت الدموع لتبلل وجنتيها الجامدة المليئة بالتجاعيد التي كبرتها سناً فوق كبر سنها.!
فجسدها أصبح أقرب لجسد الأموات منه لجسد الأحياء...الأدوية والأمراض أنهكتها حتى أنها أصبحت لا تكترث إذا غزا جسمها مرض آخر يزيد من عذابها..!
فقدميها أصبحن بلا نفع يجب أن يبترن...ورأسها صار فارغا من شعرة بيضاء تحسن منظره.... ولم يبقى في فمها أية أسنان فأصبحت لا تأكل إلا ما سَهُل مضغه بشرط أن يكون متوافق مع النظام الغذائي المجبرة عليه حتى لا تزيد أمراضها المصابة بها سوءا.!
حست بقرب نهايتها....فالعمر مضى ولم يبقى إلا القليل....سئمت من الحياة فأصبحت لا ترجي من الله سوى حسن خاتمتها ورؤية أبنها الذي لم تره منذ وضعه لها في دار العجزة بسبب أنه لا يقدر أن يتحمل مسؤولية علاجها.!!
أخذت نفس عميق ثم أخرجت الهواء من رئتيها فأحست براحة دامت لثواني معدودة..أغلقت عيونها الخالية من أي شعرة تزينها...ثم فتحتها...رأت ابنها يدخل من الباب ومعه أبنه ذو العشر سنوات الذي لم تره منذ ولادته..ذهلت وكادت عيونها تخرج من محاجرها فحمدت ربها لاستجابة دعائها...علقت نظراتها الحانية بعيون أبنها الذي يتقطع شوقا لأمه الحنونة ودموع الفرح مغرقة عينيها الكحيلة...ابتسمت فظهرت أسنانها ناصعة البياض...رجعت الحياة لجسدها..فاختفت التجاعيد....وعادت صحتها كما كانت قبل زواج أبنها من تلك الدخيلة التي حولت حياتها إلى جحيم...حست بحركة في قدميها...فأبعدت الغطاء الأبيض من حجرها وقامت من سريرها...مشت ببطء نحو حفيدها الذي يقول لأبوه متسائلا بصوت هادئ "ستأتي جدتي معنا؟؟" فضحكت والدموع اختلطت بالكحل و انهمرت فبللت وجنتيها البيضاء الناعمة فسودت...ركضت فتطاير شعرها الأسود اللامع وهي تنظر لابنها المعلق نظراته بالأرض خجلا من ما فعله بأمه وهو يقول بصوت متقطع ونبرة حزينة.."طـ..لقتـ..ـها..طلـ..ـقتها...طلقتها"..حضنته م وملأتهم بالقبلات وأغرقتهم بالدموع...فأخذ ابنها يعتذر وهو مجهش بالبكاء فتبعثرت حروفه وضاعت كلماته.....و.....!!!
"خالتي...خالتي"
فتحت عيونها فاستيقظت من أحلام يقظتها حينما نادتها الممرضة الممسكة بالكرسي المتحرك حتى تقودها إلى الدكتور لأن وقت بتر ساقيها قد حان...تسارعت أنفاسها...والتفت يمنة ويسرة وعلامات الذهول بادية على ملامح وجهها البائسة.!!

تعويض

تعبت أصبر: ما خطة قلمي الإلكتروني: "سأعرض خلال هذه الصفحة كل ما خطه قلمي الإلكتروني إما قصص قصيرة أو مواقف عابرة وغيره"
تعويض
.
.
"سيأتي من يعوضك...سيأتي من ينسيك....حتما سيأتي..."
ابتسمت بملامح بائسة والتمعت عيونها بدموعها المالحة...ثم ضحكت بجنون والدموع انهمرت لترثي حالها
مللت من سماع تلك الكلمات المواسية....سئمت من انتظار ذلك التعويض
طلقت من زوجها...وقالوا لها سيأتي من يعوضك
هجرت صديقتها...وقالوا ستأتي من تعوضك
كلهم تركتهم بلا أسباب تذكر....ظانة أنه سيأتي؟!
منذ سنوات وهي تنتظره....ولكنه لم يأتي؟!!!!
قالت جارتها منى بـاستغراب من ردة فعلها المفاجئة:ما بكِ يا فرح؟!
قالت والدموع لازالت تسيل من عينيها وتبلل وجنتيها وبصوت متقطع ونبرة حزينة:لم...لم....يبقى أحد..كلـ...كلهم...تركوني...وحـ...وحدي....(حركت رأسها يمنة ويسرة)لا...لا...أنا التي تركتهم...أنا التي ضحيت بهم...أنا التي لم أعرف قيمة ما لدي...أنا...أنا....
قالت منى مقاطعة وعلامات التأثر بادية على ملامح وجهها :لا تلومي نفسك...وجعلي ندمك هذا دافع لك لتحافظي على ما بقي لديك
مسحت دموعها بظهر كفيها...ثم صوبت نظراتها بعيون منى ومسكت يديها بملامح وجهٍ راجية وقالت بصوت مبحوح:أوعديني أن لا تقطعي صلتك بي وأن تظلي متواصلة معي...أرجوك...كلهم ضحيت بهم وتركتهم برغبتي الساذجة...تركتهم ظانة أنه سيأتي آخرون يحلون مكانهم ويعوضوني.!!!
وصرخت بصوت باكي
لكن لم يأتي من يعوضني....لم يأتي من ينسيني....وخاب ظني.!!

الجمعة، 17 يونيو 2011

بقايا إنسانية

تعبت أصبر: ما خطة قلمي الإلكتروني: "سأعرض خلال هذه الصفحة كل ما خطه قلمي الإلكتروني إما قصص قصيرة أو مواقف عابرة وغيره"

سئمت من حياتها البائسة...فهي كجسد بلا روح...لا تفعل شي سوى البكاء...أصبحت لا تحس ولا تتأثر بالأحداث المتعلقة بمن حولها كصخر صلب لا يتأثر بهبوب الريح المحمل بالكثير من الرمال والحصى...نزلت دموع من عيونها المرهقة لتحفر لها طريق على خدودها المحمرة من كثرة البكاء على حالها الذي أتعبها وأوشك أن يفقدها دماغها المتمسك ببقايا عقل.!!

فهو منذ صغرها لا يأتي إليها إلا بعد منتصف الليل ليفعل ما يسكت شهوته ويذهب...ثم يجئ ويذهب...ويجئ ويذهب...وكبر وصار شاب بعمر الزواج وهو يجئ ويذهب..!

هي كانت طفلة لا تفقه بأمور الحياة شيء...تعيش يومها وتنسى أمسها ولا تحمل هم غدها...وفكرها محدود بين دُماها ولعبها

وهو كان مراهق بلا رقيب ولا حسيب...صغير العقل ومحدود الفكر...شهوته ووساوس الشيطان سيطرت عليه وتحكمت بنفسه الضعيفة التي سولت له أن يفعل فعلته الشنيعة التي لا يفعلها إلا من وضع تحت صنف آخر ينافي صنف الإنسانية وبعيد كل البعد عن جنس البشرية

عندما كبرت وعلمت بسوء فعلته بها أبت نفسها وطفح كيلها ...فقاومت وقاومت...وسعت إلي تغير حالها لكن مرارة الواقع أوقفتها وأجبرتها وحكم المجتمع الظالم حكم عليها بالسجن الأبدي والعذاب الدائم

فهو رجل قوي اختلقت الأعذار ليغتفر خطأه...وهي امرأة ضعيفة إذا أخطأت كأنها برب السموات والأرض أشركت.!

صرخت لعلا صراخها يريح قلبها الدامي لكن صدى صراخها عاد إليها كأنه يخبرها أنها وحيدة لا عون لها ولا سند..حاولت أن تشكي لمن حولها لعلا جرحها العميق يندمل لكنها تراجعت لأنها تعلم أنها ستكذب وهو من سيصدق؟!

فهي كما يصفونها ذكور عائلتها عبء على البشرية ووصمة عار وصموا بها....وهو من يرفع به الرأس وتعتز به النفس

عندما شرعت في أخبار إحدى الجهات الحكومية بما فعله بها تذكرت أن الفضيحة ستلتصق بها وهو سيخرج منها كما تخرج الشعرة من العجين...فتراجعت...وصمتت إلى الأبد

فهو أخوها الشاب الخلوق الودود الذي أفقد أخته عذريتها وضيع شرفها وحياتها في آنٍ واحد

وهي البنت سيئة الأخلاق حزينة المزاج بسبب أن أخوها الذي من المفترض أن يكون عونٌ لها وسند في هذه الحياة اغتصبها.!!

أغواها الشيطان ففكرت بالانتحار لكنها تذكرت أن ربها إذا أحب عبده ابتلاه وأنه يمهل ولا يهمل وأن أخوها إن لم يلقى عقابه في الدنيا فسيلقاه في الآخرة.!

هو خطب ابنة عمه و تزوجها وأكمل دراسته خارج موطنه وعاش حياته

وهي بقت كما هي............!


قبورنا تبنى

تعبت أصبر: ما خطة قلمي الإلكتروني: "سأعرض خلال هذه الصفحة كل ما خطه قلمي الإلكتروني إما قصص قصيرة أو مواقف عابرة وغيره"

"ملقى في القبر بظلامه الدامس....وضيقه وصمته الموحش....كفن ناصع البياض لوث بمعاصي صاحبه

أبوه المحب...أمه الحنونة...زوجته الغالية...ابنه البار...

كلهم ذهبوا وتركوه في قبره وحيد لم يبقى معه سوى عمله وبضع ديدان وحشرات تنهش جسده ببطء يعذبه.!"

صحا مفزوعا مذعورا من حلمه المخيف...التفت يمنة ويسرة...العرق ينصب من جبينه...شفتيه ارتجفتا...حاجبيه ارتفعا...دموعه ملأت عيونه التي تكاد تخرج من مكانها...ملامح وجهه تحكي قصة رعب بائسة.!!

الحلم ذكره بحياته الشقية ونفسه المهملة...بربه الذي لم يصلي له منذ زمن...بـوالديه البارين به والعاصي لهما...بزوجته المقصر في حقوقها...بابنه الذي لا يعرف حتى بأي سنة دراسية هو.!

مر الوقت وهو يفكر بحياته وعلاقته مع ربه وبمن حوله...الدموع انسكبت والخدود ابتلت...وبكى القلب قبل أن تبكي العين

حينما فكر بنفسه...وجد أنه لم يحقق شي مما أراده وتمناه...حينما فكر بعلاقته مع ربه...وجد أنه لم يقدم شيء لآخرته

حينما فكر بعائلته...وجد انه لم يقدم لهم شيء يستحق الذكر بل كان عبء عليهم...حينها

أدرك انه يجب أن يعيد برمجة حياته وأن يحسن علاقته مع ربه ومع من حوله

أدرك أنه يجب أن يعيش كما أراد وأن يحاول جاهدا تحقيق لو شيء واحد مما حلم به وتمناه بالباقي من عمره الفاني

أدرك أن الحياة لن تدوم وأن قبره يبنى وأنه يجب أن يتدارك نفسه ويأخذ فرصته في الحياة قبل أن يجهز قبره لـ استقباله .!!


دعوة لـ التغيير

تعبت أصبر: ما خطة قلمي الإلكتروني: "سأعرض خلال هذه الصفحة كل ما خطه قلمي الإلكتروني إما قصص قصيرة أو مواقف عابرة وغيره"
(دعوة لـ التغيير)
كانت حياتي...باردة...روتينية...الأمس مثل اليوم واليوم مثل الغد...كانت كل الأيام متشابهة..لكنها تغيرت...بعد ذلك اليوم.!
صحوت من النوم الساعة السابعة صباحا...ثم غسلت وجهي وفرشت أسناني...ثم ذهبت إلى المطبخ لأعد الفطور الذي اعتدته يوميا...
وبعد انتهائي من أكلي...ذهبت إلى غرفتي...وبالتحديد إلى خزانتي لأبدل ملابسي...وبعد التبديل ألقيت نظرة على هندامي...ثم عدلت الشماغ قليلا ثم أخذت زجاجة العطر فرششت بضع رشات..ثم ذهبت خارج الغرفة والشقة والمبنى بأكمله..!!
ركبت سيارتي...ثم وضعت المفتاح في موضعه...وشغلت السيارة وحركتها متجها إلى الشركة التي اعمل بها
وفي العمل..
دخلت القسم بخطوات قصيرة بطيئة...وبوجه عبوس...جلست على كرسي مكتبي...دون إلقاء التحية...
رأيت أبو صالح متجهاً إلي...الرجل الكبير بالسن...ألذي منذ تعييني وهو فراش في هذه الشركة...يذهب ويجيء بالقهوة والشاي..!!
ألقى السلام علي بابتسامة مرسومة على فمه الذي لم يبقى داخله إلا بضعة أسنان في طريقها إلى السقوط.!!
وبعد ردي عليه...أكمل قائلا:أتريد أن اعد لك قهوة يا ولدي..
فقلت بأسلوب جاف:لا..شكرا.!
فقال:أو تريد شاي تعدل فيه مزاجك العكر.!!
فقلت بضيق وضح علي:اذهب..لا أريد شيئا...لأني اعلم أن سبب مجيء أبو صالح إلي ..وإصراره على أن يعد لي القهوة أو الشاي مقابل أن أعطيه بضع ريالات لأني أراه دوما يأخذ من زملائي مال بعد إعطائهم القهوة أو الشاي
فذهب أبو صالح...إلي احد الزملاء..ليكرر ما حصل بيني وبينه باختلاف أن زميلي سيشرب القهوة
فقلت في نفسي عندما رأيت زميلي يخرج من محفظته مالا ويعطيه لـ أبو صالح
و بـ نظرات استحقار:شحاذ.!!
وبعد انتهاء العمل
خرجت من الشركة التي عينت فيها قبل سنتين بعد تخرجي من الجامعة بعدة أشهر
وقبل ركوبي السيارة رأيت أبا صالح متجها إلي مسرعا وعلامات الأسى بادية عليه...فانتظرت حتى يجيء ذلك الممثل الماهر...
قال لي بلهجة وضح عليها التوتر:أرجوك يا بني...وصلني إلى المستشفى
استغربت من طلبه ثم قلت مترددا:حسنا...اركب
وفي طريقنا إلى المستشفى سألت أبو صالح:ما الأمر؟؟
فأجاب بنبره حزينة:حفيدي مصاب بورم ويجب استئصاله منذ زمن طويل ولكننا كما تعلم ميسورين الحال ولا نقدر أن ندفع تكاليف العلاج بالكامل...فأنا حتى الآن لم اجمع سوا نصف التكاليف
حينها تفاجأة واحتقرت نفسي حينما ظننت به ظن سوء ونعته بـ الشحاذ والممثل الماهر...فقلت مبادرا:حسنا...سوف أتكفل بباقي التكاليف
وقبل أن يعارض أبو صالح قلت:وأنت سدد لي ما سوف ادفعه بالطريقة التي تريحك.!
فرد أبو صالح بكلمة لم اسمعها منذ زمن:جزاك الله خيرا.!!!
وفي المستشفى جلست على إحدى كراسي الانتظار...ثم شاهدت مناظر أثارت دهشتي.... الشاب المنغولي الذي يدفع الكرسي المتحرك لـ الرجل المقعد الكبير بالسن الذي ينادي بصوت مبحوح:أريد...المدير العام...!!
الأم التي تحمل ابنها الخالي من أي شعرة بجسمه ...ابنها الذي على ما يبدو مصاب بالسرطان....!!
حينها حمدت ربي على النعمة التي انعم علي بها....وأبعدت التشاؤم والعبوس والظن السيئ....وحل مكانهم التفاؤل والابتسامة والظن الحسن..!

آباء ومعلمين


رنين الجرس الممل والمزعج يعلو أكثر وأكثر ليعلم الطلاب بـ انتهاء الطابور الصباحي وبـ بداية الحصة الأولى
فهاهم الطلاب يمشون ببطء وتكاسل وملل منعكس من أشكالهم متجهين إلي فصولهم....
دخل محمد فصله ثم أوقع نظراته على طاولته التي يراها غير واضحة مشوشه بسبب الآلام التي يشعر بها في رأسه..رمى حقيبته على طاولته بـ إهمال ثم جلس على كرسيه وانزل رأسه وأسنده على الطاولة الخشبية المليئة بالكتابات والرسومات
أغمض عينه ليأخذ قيلولة فهو لم ينم إلا ساعتين غير مشبعتان بسبب اهتمامه بأخوته الأصغر منه سناً
دخل أستاذ مادة التفسير وبالأصح دخل الجلاد وبيده عصا خشبية جرب الم ضربها جميع من بالفصل ما عدا الطالبين صاحبان الجنسية الغير خليجية.!!
بدأ بتوزيع نظراته في أرجاء الفصل...ووقعت نظراته على محمد الطالب المهمل الذي ينام في اغلب الحصص من وجهة نظره.!
اتجه إليه بخطوات طويلة وسريعة..وبدأ بعض الطلاب يحاولون تنبيه محمد حتى يصحو من نومه قبل أن يأتي الأستاذ ويضربه بعصاه الخشبي..والبعض الآخر تمنى ألا يستجيب محمد لتنبيهات بعض زملائه لأنهم يريدون أن يرو منظر محمد حين يضرب ليضحكوا عليه..وفعلا حصل ما أرادوه
لم يستجيب محمد لتنبيهات زملائه بسبب التعب والإرهاق الكبير الذي يشعر به
رفع الأستاذ يده الممسكة بالعصا عالياً فانزلها بسرعة وبقوه على ظهر محمد ليصدر ضرب العصا ظهر محمد صوت انتشر في أرجاء الفصل
رفع محمد رأسه مفزوعا خائفا مرعوبا..التفت يمينا ويساراً...امتلأت عيونه بالدموع...ليس بسبب الم ضرب العصا الجسدي... إنما بسبب الفزعة ولأنه تذكر وتخيل أن من ضربه هو والده الذي لم تبرى ولم تختفي جروح و آثار ضربه له حتى الآن.. والدة الذي اسكنه هو و أخوته بشقة وأعطاه سيارة ومصروف يصل لهم شهريا حتى يتخلص من مسؤوليته هو وأخوانه نهائيا.. والده الذي اعتاد على ضربه من طفولته يصبحه ويمسيه على ضرب و إهانات...وهاهو الآن يُضرَب من معلمه
والذي من المفترض أن يكون قدوته كما يُضرَب من أبيه ومربيه.!!
وفي الفصل المقابل
بدأ بالشرح أستاذ الفقه المحبوب عند جميع الطلاب فهو ذا قلب طيب وذا ابتسامة دائمة ..!!
لاحظ المدرس أن الطالب عبد الرحمن ساهيا وشاردا..جسد بلا عقل...كتمثال صامت في احد المتاحف...ومسحة الحزن طاغية على ملامحه...عبد الرحمن...الطالب الذي تم الاعتداء عليه جنسياً من طالب مازال يمرح ويسرح في المدرسة رغم أن خبر اعتداءه على عبد الرحمن أصبح منتشرا في المدرسة
فهو حينما تم الاعتداء عليه بعد خروجه من المدرسة..فكر أن ينتحر...ويرمي نفسه أمام احد السيارات المارة..لكنه لم يجرئ...وحينها فكر أن يخبر والده..لكنه تراجع خوفا من والده الذي يوجد بينهما حواجز تحده من إخباره...وحينها لم يجد احد يشكي له ويطلب العون منه إلا اساتذته الذي متردد في إخبارهم خوفا من الشخص الذي اعتدى عليه.!!
أفاق عبد الرحمن من عالمه الكئيب الموحش حينما ناداهُ الأستاذ عدة مرات متتابعة
سأله الأستاذ:ما بك؟؟هل تعاني من شيء ما؟؟
أجاب عبد الرحمن بالنفي حينما حرك رأسه إلى اليمين ثم إلى اليسار
وبعد انتهاء الدرس...خرج عبد الرحمن من فصله بخطوات بطيئة قصيرة..اتجه إلى الفصل المقابل قاصدا طالبا واقع في نفس محنته..ليستشيره ويأخذ برأيه..دخل الفصل وتوزعت نظراته بحثاً عن الطالب المقصود...وقعت نظراته عليه فنصدم من منظره...شعره الغير مرتب...السواد الواقع تحت عينيه...ملابسة المتسخة والمخروقة في عدة أماكن..اقترب منه والقا التحية..فلم يرد عليه...جلس بجواره دون أن يتفوه بأي كلمة..التفت عليه حينما قيل له"ما ذا تريد؟؟" فأجاب عبد الرحمن:أريد مشورتك...فأبتسم الطالب وقال بـ تساؤل ساخر:تريد مشورتي أنا؟؟
قال عبد الرحمن بنبرة صوت وضح عليها الحزن:نعم..فأنا واقع في نفس مشكلتك...ولم أجد من أستشيره.. إلا أنت؟؟
التفت الطالب على عبد الرحمن وقال وهو مصوب عيناه اللامعتان الممتلئان بالدموع في وجه عبد الرحمن :تعني انك اعتدي عليك من قبل حسن(الطالب الذي اعتدى على عبد الرحمن)؟؟
قال عبد الرحمن بحزن بالغ:نعم..وأنا فكرت مرارا..أ ن اخبر المرشد الطلابي لكني أردت أن أستشيرك قبل أن اخبر المرشد الطلابي.؟؟
ابتسم الطالب ابتسامة ساخرة حزينة:تخبر المرشد الطلابي..هههههههه...سبق وأخبرته بـ مشكلتي...فوعدني أن يساعدني على حلها...مرت مدة ولم أرى شي...وانتظرت و انتظرت...وعندما ذهبت إليه مرة أخرى رد علي قائلا"انك ابن عائلة معروفة وأنت وعائلتك لا تريدون الفضيحة والطالب الذي اعتدى عليك سوف ينتقل إلى مرحلة دراسية جديدة السنة القادمة...فلذا أنسى ما حدث..وأكمل حياتك؟!!...وبعد رده هذا أيقنت أن لا حل لـ مشكلتي...وأكملت حياتي وتتابعت سلسلة الاعتداءات علي من حسن وغير حسن.!
عبد الرحمن بعيون دامعة وتساؤل حزين:ولكن كيف سمحت أن يتكرر فعل حسن بك مرة أخرى؟؟
قال الطالب والدموع تسيل من عينيه وتحفر لها طريق في خديه:أنا لم اسمح؟؟؟...ولكني أجبرت..
عبد الرحمن:وهل ستستمر هل هذا الحال؟؟
قال الطالب والدموع تنزل من عينه وضحكات الأسى تخرج من فمه:وهل أنا مخير في الاستمرار؟؟...أن فعل شي بـ حسن وأمثاله جزاءاً على أفعالهم حينها سأغير من حالي..ولكن أنا متيقن انه لن يفعل شي بحسن وأمثاله...مثلما ما اعتدي علي رغما عني ...فأنا سأستمر على حالي رغما عني؟!!!
بعدها..انزل عبد الرحمن رأسه واليأس ملا قلبه والدنيا اسودت في عينه
وفي دورة المياه الأشبه بي صندوق القمامة..!!
دخل الطالب سلطان الحمام وألقى نظره عليه وعلامات القرف والاشمئزاز واضحة على وجهه..!!
ادخل يده في جيبه واخرج منها سجائره أو بالأصح بقايا سجائر أبيه فهو يأخذ ما يتبقى من السجائر التي يدخنها أبيه فيأخذها ليدخنها.!!
فهو على هذه الحال من شهور لأنه أصبح لا يستطيع شراء سجائر لان أبيه شم رائحة الدخان الصادرة من جسده فتوقف عن إعطائه المصروف...ولكنه لم يتوقف عن التدخين ..فكيف يتوقف...وأبيه الذي منع عنه المصروف بسبب الدخان يدخن عشرات السيجارات يوميا.!؟!
فبقى يدخن..لأنه اعتاد التدخين...ولأنه لم يقتنع برد أبيه حينما سأله بعد ضرب أبيه له حينما علم بأن ابنه يدخن فسأل أبوه قائلا:أنت تدخن وتريد أن تمنعني من التدخين"فرد أباه قائلا"أنا ابتليت بالدخان ولا استطيع تركه"
ومازال يتعاطى الدخان...وكأنه بفعله هذا...يعاند أباه حينما يدخل سموم قاتلة بجسمه.!!
بعد مرور شهور..
محمد انفصل من المدرسة لكثرة غيابه وقلة حضوره وتأخره الدائم...عاش محمد لأجل أخوانه..فأصبح بالنسبة لهم كأبيهم الذي أنحرم منه...وصارت مهنة بيع الخضار مهنته...بعد انقطاع المصروف الذي كان يرسله أبوه لهم شهريا.!
أما عبد الرحمن...فحاله لم يتغير كثيرا...نجح وانتقل إلى صف وسنة دراسية جديدة...ذات يوم استدعاه المرشد الطلابي ليحدثه...فسأله سؤال أرعبه وأسعده..."هل أنت من قتل حسن؟؟"..فأجاب عبد الرحمن بالنفي والخوف باديٍ على وجهه...وبعد أيام اتضح أن من قتل حسن..هو الطالب الذي حدثه عبد الرحمن وطلب مشورته
اما
سلطان...بدأ يتعاطى المخدرات...و ذات يوم تعاطى المخدرات بجرعات كبيره...فأغمي عليه...فأخذه أبوه إلى المشفى...فلما سأل أبا سلطان الطبيب..:ماذا حدث لـ ابني...فأجابه أن سلطان يتعاطى المخدرات ويجب أن يعالج بأسرع وقت ممكن...فرد عليه أبا سلطان:باشر بالعلاج من الآن....وبعد أيام صحا سلطان من غيبوبته وعلم بأمر علاجه...فرفض أن يكمل العلاج إلا إذا تعالج أبوه معه....فوافق الأب أن يتعالج من اجل ابنه........والآن وصل الأب وابنه إلى آخر مراحل العلاج..!