الجمعة، 17 يونيو 2011

آباء ومعلمين


رنين الجرس الممل والمزعج يعلو أكثر وأكثر ليعلم الطلاب بـ انتهاء الطابور الصباحي وبـ بداية الحصة الأولى
فهاهم الطلاب يمشون ببطء وتكاسل وملل منعكس من أشكالهم متجهين إلي فصولهم....
دخل محمد فصله ثم أوقع نظراته على طاولته التي يراها غير واضحة مشوشه بسبب الآلام التي يشعر بها في رأسه..رمى حقيبته على طاولته بـ إهمال ثم جلس على كرسيه وانزل رأسه وأسنده على الطاولة الخشبية المليئة بالكتابات والرسومات
أغمض عينه ليأخذ قيلولة فهو لم ينم إلا ساعتين غير مشبعتان بسبب اهتمامه بأخوته الأصغر منه سناً
دخل أستاذ مادة التفسير وبالأصح دخل الجلاد وبيده عصا خشبية جرب الم ضربها جميع من بالفصل ما عدا الطالبين صاحبان الجنسية الغير خليجية.!!
بدأ بتوزيع نظراته في أرجاء الفصل...ووقعت نظراته على محمد الطالب المهمل الذي ينام في اغلب الحصص من وجهة نظره.!
اتجه إليه بخطوات طويلة وسريعة..وبدأ بعض الطلاب يحاولون تنبيه محمد حتى يصحو من نومه قبل أن يأتي الأستاذ ويضربه بعصاه الخشبي..والبعض الآخر تمنى ألا يستجيب محمد لتنبيهات بعض زملائه لأنهم يريدون أن يرو منظر محمد حين يضرب ليضحكوا عليه..وفعلا حصل ما أرادوه
لم يستجيب محمد لتنبيهات زملائه بسبب التعب والإرهاق الكبير الذي يشعر به
رفع الأستاذ يده الممسكة بالعصا عالياً فانزلها بسرعة وبقوه على ظهر محمد ليصدر ضرب العصا ظهر محمد صوت انتشر في أرجاء الفصل
رفع محمد رأسه مفزوعا خائفا مرعوبا..التفت يمينا ويساراً...امتلأت عيونه بالدموع...ليس بسبب الم ضرب العصا الجسدي... إنما بسبب الفزعة ولأنه تذكر وتخيل أن من ضربه هو والده الذي لم تبرى ولم تختفي جروح و آثار ضربه له حتى الآن.. والدة الذي اسكنه هو و أخوته بشقة وأعطاه سيارة ومصروف يصل لهم شهريا حتى يتخلص من مسؤوليته هو وأخوانه نهائيا.. والده الذي اعتاد على ضربه من طفولته يصبحه ويمسيه على ضرب و إهانات...وهاهو الآن يُضرَب من معلمه
والذي من المفترض أن يكون قدوته كما يُضرَب من أبيه ومربيه.!!
وفي الفصل المقابل
بدأ بالشرح أستاذ الفقه المحبوب عند جميع الطلاب فهو ذا قلب طيب وذا ابتسامة دائمة ..!!
لاحظ المدرس أن الطالب عبد الرحمن ساهيا وشاردا..جسد بلا عقل...كتمثال صامت في احد المتاحف...ومسحة الحزن طاغية على ملامحه...عبد الرحمن...الطالب الذي تم الاعتداء عليه جنسياً من طالب مازال يمرح ويسرح في المدرسة رغم أن خبر اعتداءه على عبد الرحمن أصبح منتشرا في المدرسة
فهو حينما تم الاعتداء عليه بعد خروجه من المدرسة..فكر أن ينتحر...ويرمي نفسه أمام احد السيارات المارة..لكنه لم يجرئ...وحينها فكر أن يخبر والده..لكنه تراجع خوفا من والده الذي يوجد بينهما حواجز تحده من إخباره...وحينها لم يجد احد يشكي له ويطلب العون منه إلا اساتذته الذي متردد في إخبارهم خوفا من الشخص الذي اعتدى عليه.!!
أفاق عبد الرحمن من عالمه الكئيب الموحش حينما ناداهُ الأستاذ عدة مرات متتابعة
سأله الأستاذ:ما بك؟؟هل تعاني من شيء ما؟؟
أجاب عبد الرحمن بالنفي حينما حرك رأسه إلى اليمين ثم إلى اليسار
وبعد انتهاء الدرس...خرج عبد الرحمن من فصله بخطوات بطيئة قصيرة..اتجه إلى الفصل المقابل قاصدا طالبا واقع في نفس محنته..ليستشيره ويأخذ برأيه..دخل الفصل وتوزعت نظراته بحثاً عن الطالب المقصود...وقعت نظراته عليه فنصدم من منظره...شعره الغير مرتب...السواد الواقع تحت عينيه...ملابسة المتسخة والمخروقة في عدة أماكن..اقترب منه والقا التحية..فلم يرد عليه...جلس بجواره دون أن يتفوه بأي كلمة..التفت عليه حينما قيل له"ما ذا تريد؟؟" فأجاب عبد الرحمن:أريد مشورتك...فأبتسم الطالب وقال بـ تساؤل ساخر:تريد مشورتي أنا؟؟
قال عبد الرحمن بنبرة صوت وضح عليها الحزن:نعم..فأنا واقع في نفس مشكلتك...ولم أجد من أستشيره.. إلا أنت؟؟
التفت الطالب على عبد الرحمن وقال وهو مصوب عيناه اللامعتان الممتلئان بالدموع في وجه عبد الرحمن :تعني انك اعتدي عليك من قبل حسن(الطالب الذي اعتدى على عبد الرحمن)؟؟
قال عبد الرحمن بحزن بالغ:نعم..وأنا فكرت مرارا..أ ن اخبر المرشد الطلابي لكني أردت أن أستشيرك قبل أن اخبر المرشد الطلابي.؟؟
ابتسم الطالب ابتسامة ساخرة حزينة:تخبر المرشد الطلابي..هههههههه...سبق وأخبرته بـ مشكلتي...فوعدني أن يساعدني على حلها...مرت مدة ولم أرى شي...وانتظرت و انتظرت...وعندما ذهبت إليه مرة أخرى رد علي قائلا"انك ابن عائلة معروفة وأنت وعائلتك لا تريدون الفضيحة والطالب الذي اعتدى عليك سوف ينتقل إلى مرحلة دراسية جديدة السنة القادمة...فلذا أنسى ما حدث..وأكمل حياتك؟!!...وبعد رده هذا أيقنت أن لا حل لـ مشكلتي...وأكملت حياتي وتتابعت سلسلة الاعتداءات علي من حسن وغير حسن.!
عبد الرحمن بعيون دامعة وتساؤل حزين:ولكن كيف سمحت أن يتكرر فعل حسن بك مرة أخرى؟؟
قال الطالب والدموع تسيل من عينيه وتحفر لها طريق في خديه:أنا لم اسمح؟؟؟...ولكني أجبرت..
عبد الرحمن:وهل ستستمر هل هذا الحال؟؟
قال الطالب والدموع تنزل من عينه وضحكات الأسى تخرج من فمه:وهل أنا مخير في الاستمرار؟؟...أن فعل شي بـ حسن وأمثاله جزاءاً على أفعالهم حينها سأغير من حالي..ولكن أنا متيقن انه لن يفعل شي بحسن وأمثاله...مثلما ما اعتدي علي رغما عني ...فأنا سأستمر على حالي رغما عني؟!!!
بعدها..انزل عبد الرحمن رأسه واليأس ملا قلبه والدنيا اسودت في عينه
وفي دورة المياه الأشبه بي صندوق القمامة..!!
دخل الطالب سلطان الحمام وألقى نظره عليه وعلامات القرف والاشمئزاز واضحة على وجهه..!!
ادخل يده في جيبه واخرج منها سجائره أو بالأصح بقايا سجائر أبيه فهو يأخذ ما يتبقى من السجائر التي يدخنها أبيه فيأخذها ليدخنها.!!
فهو على هذه الحال من شهور لأنه أصبح لا يستطيع شراء سجائر لان أبيه شم رائحة الدخان الصادرة من جسده فتوقف عن إعطائه المصروف...ولكنه لم يتوقف عن التدخين ..فكيف يتوقف...وأبيه الذي منع عنه المصروف بسبب الدخان يدخن عشرات السيجارات يوميا.!؟!
فبقى يدخن..لأنه اعتاد التدخين...ولأنه لم يقتنع برد أبيه حينما سأله بعد ضرب أبيه له حينما علم بأن ابنه يدخن فسأل أبوه قائلا:أنت تدخن وتريد أن تمنعني من التدخين"فرد أباه قائلا"أنا ابتليت بالدخان ولا استطيع تركه"
ومازال يتعاطى الدخان...وكأنه بفعله هذا...يعاند أباه حينما يدخل سموم قاتلة بجسمه.!!
بعد مرور شهور..
محمد انفصل من المدرسة لكثرة غيابه وقلة حضوره وتأخره الدائم...عاش محمد لأجل أخوانه..فأصبح بالنسبة لهم كأبيهم الذي أنحرم منه...وصارت مهنة بيع الخضار مهنته...بعد انقطاع المصروف الذي كان يرسله أبوه لهم شهريا.!
أما عبد الرحمن...فحاله لم يتغير كثيرا...نجح وانتقل إلى صف وسنة دراسية جديدة...ذات يوم استدعاه المرشد الطلابي ليحدثه...فسأله سؤال أرعبه وأسعده..."هل أنت من قتل حسن؟؟"..فأجاب عبد الرحمن بالنفي والخوف باديٍ على وجهه...وبعد أيام اتضح أن من قتل حسن..هو الطالب الذي حدثه عبد الرحمن وطلب مشورته
اما
سلطان...بدأ يتعاطى المخدرات...و ذات يوم تعاطى المخدرات بجرعات كبيره...فأغمي عليه...فأخذه أبوه إلى المشفى...فلما سأل أبا سلطان الطبيب..:ماذا حدث لـ ابني...فأجابه أن سلطان يتعاطى المخدرات ويجب أن يعالج بأسرع وقت ممكن...فرد عليه أبا سلطان:باشر بالعلاج من الآن....وبعد أيام صحا سلطان من غيبوبته وعلم بأمر علاجه...فرفض أن يكمل العلاج إلا إذا تعالج أبوه معه....فوافق الأب أن يتعالج من اجل ابنه........والآن وصل الأب وابنه إلى آخر مراحل العلاج..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق