الأربعاء، 13 يوليو 2011

مشكور يا ولدي

تعبت أصبر: ما خطة قلمي الإلكتروني: "سأعرض خلال هذه الصفحة كل ما خطه قلمي الإلكتروني إما قصص قصيرة أو مواقف عابرة وغيره"
مشكور يا ولدي
.
.
أطلقت آهة بصوت هادئ مبحوح وبنبرة حزينة...متألمة من صداع اعتادت عليه غزا رأسها...امتلأت عيونها العسلية المصوبة نحو الباب بالدموع...ثم نزلت الدموع لتبلل وجنتيها الجامدة المليئة بالتجاعيد التي كبرتها سناً فوق كبر سنها.!
فجسدها أصبح أقرب لجسد الأموات منه لجسد الأحياء...الأدوية والأمراض أنهكتها حتى أنها أصبحت لا تكترث إذا غزا جسمها مرض آخر يزيد من عذابها..!
فقدميها أصبحن بلا نفع يجب أن يبترن...ورأسها صار فارغا من شعرة بيضاء تحسن منظره.... ولم يبقى في فمها أية أسنان فأصبحت لا تأكل إلا ما سَهُل مضغه بشرط أن يكون متوافق مع النظام الغذائي المجبرة عليه حتى لا تزيد أمراضها المصابة بها سوءا.!
حست بقرب نهايتها....فالعمر مضى ولم يبقى إلا القليل....سئمت من الحياة فأصبحت لا ترجي من الله سوى حسن خاتمتها ورؤية أبنها الذي لم تره منذ وضعه لها في دار العجزة بسبب أنه لا يقدر أن يتحمل مسؤولية علاجها.!!
أخذت نفس عميق ثم أخرجت الهواء من رئتيها فأحست براحة دامت لثواني معدودة..أغلقت عيونها الخالية من أي شعرة تزينها...ثم فتحتها...رأت ابنها يدخل من الباب ومعه أبنه ذو العشر سنوات الذي لم تره منذ ولادته..ذهلت وكادت عيونها تخرج من محاجرها فحمدت ربها لاستجابة دعائها...علقت نظراتها الحانية بعيون أبنها الذي يتقطع شوقا لأمه الحنونة ودموع الفرح مغرقة عينيها الكحيلة...ابتسمت فظهرت أسنانها ناصعة البياض...رجعت الحياة لجسدها..فاختفت التجاعيد....وعادت صحتها كما كانت قبل زواج أبنها من تلك الدخيلة التي حولت حياتها إلى جحيم...حست بحركة في قدميها...فأبعدت الغطاء الأبيض من حجرها وقامت من سريرها...مشت ببطء نحو حفيدها الذي يقول لأبوه متسائلا بصوت هادئ "ستأتي جدتي معنا؟؟" فضحكت والدموع اختلطت بالكحل و انهمرت فبللت وجنتيها البيضاء الناعمة فسودت...ركضت فتطاير شعرها الأسود اللامع وهي تنظر لابنها المعلق نظراته بالأرض خجلا من ما فعله بأمه وهو يقول بصوت متقطع ونبرة حزينة.."طـ..لقتـ..ـها..طلـ..ـقتها...طلقتها"..حضنته م وملأتهم بالقبلات وأغرقتهم بالدموع...فأخذ ابنها يعتذر وهو مجهش بالبكاء فتبعثرت حروفه وضاعت كلماته.....و.....!!!
"خالتي...خالتي"
فتحت عيونها فاستيقظت من أحلام يقظتها حينما نادتها الممرضة الممسكة بالكرسي المتحرك حتى تقودها إلى الدكتور لأن وقت بتر ساقيها قد حان...تسارعت أنفاسها...والتفت يمنة ويسرة وعلامات الذهول بادية على ملامح وجهها البائسة.!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق